سكريبت عدم المسئولية (كامل) بقلم حور حمدان

سكريبت عدم المسئولية (كامل) بقلم حور حمدان

سكريبت عدم المسئولية (كامل) بقلم حور حمدان

بإيدي المرتعشة كتبتله المسدج اللي كنت مستنياه من شهور.

احم احم.. اي رايك في المفاجأة دي يا كوتي أمور؟


معدتش دقيقة وجالي الرد، بس مش زي ما توقعت.

كوتي أمور؟! انتي اتهبلتي ولا إيه؟ أولًا متقوليليش كده تاني، وثانيًا والأهم... أوعي يا حور، أوعي يكون اللي في بالي صح.


اتسمرت مكاني، حاولت أضحك وأخفف الجو، يمكن يفهمها هزار.

اه، صح اللي في بالك... هتبقى أجمل بابي قريب.


بس الجملة اللي جت بعدها كسرتني.

بلا بابي بلا بتاع، احنا متفقين من الأول منخلفش نهائي. أنا عايز أعيش حياتي، مش عايز أطفال يربطوني أو يصدعوني. انزلي اللي في بطنك، مفهوم؟

الكلمة الأخيرة فضلت تدوي في وداني كأنها خنجر: انزلي اللي في بطنك.


فضلت أبص ف الشاشة، مش مصدقة اللي قريته.

كتبتله بسرعة:

انت بتهزر، صح؟ قولّي إنك بس متوتر أو مصدوم.


ردّ بعد ثواني:

مفيش هزار، يا حور. أنا مش جاهز أكون أب، ومش هسمح بحاجة تغيّر حياتي. الحل الوحيد إنك تنزليه وخلاص.


سكتت...

ثواني عدّت كأنها سنين، وبعدين قفلت الشات، ومسكت بطني.

أنا مش هأذيك... ولا هأذي نفسي.


وقفت قدام المراية، عيني مليانة دموع بس قلبي ثابت.

“هتحمّلك لوحدي، بس عمري ما هفرّط فيك.”


لبست عبايتي بسرعة، وخرجت من البيت، دماغي مش شايفة غير طريق واحد...

الدكتور.

بس المرة دي مش عشان أسمع كلامه،

عشان أبدأ حرب جديدة — حرب عشان أفضّل أم، حتى لو الدنيا كلها قالت لا.


وصلت العيادة وإيدي متيبسة من التوتر، والدكتور رفع نظره لما دخلت.

قال:

خير يا حور، في مشكلة؟


ردّيت بثبات:

أنا مش جاية أعمل إجهاض، أنا جاية أطمن على البيبي.


اتنهد وقال:

بس جوزك قالي إنكم متفقين من البداية إنكم منخلفوش.


بصيتله وأنا بكتم غضبي:

جوزي حرّ، بس أنا كمان ليّا قرار. محدش هيجبرني أنهي حياة ابني.


حاول يقاطعني، بس وقفت:

كل حاجة مسؤوليتها عليا، وأنا اللي هواجهها.


خرجت من العيادة، الموبايل رنّ:

ارجعي لعقلك يا حور، متخليش لحظة تدمّر كل اللي بنيناه.


كتبتله:

اللي بنيناه؟ واضح إنك كنت بتبني لنفسك بس. أنا مكملة، حتى لو لوحدي.

رجعت البيت بعد العيادة، ودماغي فيها دوشة مش طبيعية. كل خطوة في السلم كانت تقيلة، كأن رجلي بترفض ترجع للمكان اللي وجّعني.

فتحته الباب، لقيته قاعد ف الصالة، موبايله في إيده ووشه متجهم. أول ما شافني، وقف فجأة.


قال بصوت عالي:

كنتي فين يا حور؟!


ردّيت وأنا بحاول أسيطر على رعشة صوتي:

عند الدكتور.


رفع حواجبه وقال بسخرية:

كويس... قولّي بقى، خلصتي ولا لسه بتفكّري؟


بصّيتله بثبات:

خلصت فعلاً... قررت أكمّل.


اتقدم ناحيتي بخطوات سريعة، صوته بدأ يعلو:

يعني إيه تكمّلي؟! إحنا اتفقنا! مش عايز طفل، مش عايز قيود، مش عايز مسئوليّة تفنّني حياتي.


ردّيت وأنا ماسكة بطني:

اللي جوايا مش “مسؤوليّة”، دا روح يا سامر، روح بريئة، ابنك.


صرخ:

ما تحطيش عليا ذنبك، انتي اللي خالفتِ الاتفاق، وأنا مش هتحمّل نتيجة قرارك.


كلماته كانت سكاكين بتغرز ف قلبي واحدة ورا التانية، بس الغريب إني ما بكيتش.

قلتله بهدوء:

يمكن تكون شايفه ذنب، بس أنا شايفاه نعمة. وإنت لو مش عايز تكون أب، خلاص... أنا هكون أم وأب سوا.


ضحك بسخرية وقال:

هتربيه إزاي؟ على معاشك؟ على شغل شوية ورق؟


قربت منه بخطوة وقلتله بصرامة:

على كرامتي... وعلى قلبي. ودا كفاية.


اتنفس بقوة، وفضل ساكت ثواني، بعدين قال ببرود:

اعملي اللي يريحك، بس من النهارده كل واحد فينا يعيش في حاله. مفيش بينا أي كلام عن الموضوع دا تاني.


دخل أوضته وقفل الباب، وأنا وقفت في النص، ببص ع الباب المأفول...

حسّيت إن مش هو اللي قفل الباب، دي الدنيا كلها اللي اتقفلت ف وشي.


قعدت على الكنبة، دموعي نزلت من غير صوت. بس وأنا ماسكة بطني، قلت لنفسي همسًا:

"أنا وعدتك... ومهما حصل، مش هسيبك."


مرت الأيام ببطء، البيت بقى بارد، الكلام بينا شبه معدوم، بس في كل مرة أحس بنبض صغير جوايا، كنت بفتكر إني مش لوحدي.


وفي ليلة، وأنا نايمة، صحيت على ألم جديد... أول حركة من البيبي.

ابتسمت رغم الوجع، ودموعي نزلت.

مدّيت إيدي على بطني وقلت له:

"شايف يا حبيبي؟ حتى لو أبوك مش حاسس بيك، أنا سامعاك... ومكملة بيك."

مرت الشهور، وكل يوم فيهم كان امتحان جديد.

بطني كبرت، والناس بدأت تلاحظ، بس ولا كلمة طلعت من سامر. كان عايش في نفس البيت كأنه غريب، مابين شغله وتليفونه وصمته.

وأنا؟ كنت بحاول أعيش، أطبخ، أضحك، أسمع دقات البيبي من السماعة الصغيرة اللي جبتها بنفسي، وأقول لنفسي:

"كفاية إن في قلبين بيخفقوا جوا جسمي."


وفي ليلة، الوجع بدأ فجأة.

كانت الساعة تلاتة الفجر، وأنا لوحدي ف الأوضة. ناديت عليه، صوتي كان بيترجى:

سامر... سامر، الحقني... الواد بييجي.


اتفتح باب الأوضة بسرعة، وشه مصدوم، أول مرة أشوف في عينه خوف حقيقي.

جري عليا، شالني وخرج بيا على المستشفى، وهو بيقول للطبيب:

أنقذوها... أرجوكم أنقذوها هي والبيبي.


الليل عدى ببطء، وأنا بين الوعي والغيبوبة، لحد ما سمعت صوت ضعيف بيقول:

مبروك يا مدام، جالك ولد زي القمر.


دمعة نزلت غصب عني، بس أول ما شُفتُه... نسيت كل الوجع، كل الخوف، كل حاجة.

ضمّيته لصدري وقلت:

"أهلاً بيك يا قلبي... يا بداية حياتي الجديدة."


سامر كان واقف بعيد، مش عارف يقرب، صوته مبحوح وهو بيقول:

هو... بخير؟

بصّيتله من غير ما أرد.

جوايا كنت عارفة إن الإجابة مش ليه، دي لربنا اللي عوضني.


عدّى أسبوعين، وأنا رجعت البيت بعد ما صحت، بس بينا كان في جدار كبير من السكوت.

سامر ما كانش بيكلّمني، بس تصرفاته اتغيّرت.

بقى بيحضّر الأكل، يقعد جنب السرير لما أنام، ويسيب شغله بدري.

وفي ليلة، وأنا نايمة، صحيت على صوت بكاء البيبي، ولقيته هو اللي شايله... بيهدهده بحنية غريبة.


وقف قدامي، ووشه كله دموع.

قال بصوت مكسور:

أنا كنت مستني اللحظة دي عشان أقولك... كنت غلطان يا حور. كنت أناني وضعيف. لما شُفته بين إيديا، حسّيت إن ربنا اداني فرصة جديدة، وكنت هضيّعها.


دموعي نزلت من غير ما أتكلم.

قرب مني بخطوة، وقال:

سامحيني... مش عشان أرجع جوزك، لأ... سامحيني عشان أقدر أعيش وأنا شايفك من غير وجع.


بصّيتله، وبهدوء قلت:

أنا مسامحاك، بس مش عارفة أقدر أرجع بسهولة.


قال بسرعة:

مش عايزها بسهولة، عايزها صدق. خليني أرجّعك بالحب اللي ضيّعته.


في اللحظة دي، البيبي ضحك فجأة، وكأن القدر كان بيدّي الإشارة.

ضحكنا إحنا الاتنين وسط الدموع، واللحظة دي كسرت كل الحواجز اللي بينا.


قرب، مسك إيدي، وقال:

المرة دي... هنبني بيت بجد، ليكي وليه وليّا.


ابتسمت وأنا ببص ف عيونه:

بس أوعى تخاف تاني، سامر. إحنا مش عبء... إحنا حياتك.


حضني بهدوء، وقال:

وهنعيشها سوا، لآخر العمر.


وفي اللحظة دي، كنت حاسة إني فعلاً بدأت من جديد،

بس المرة دي، مش لوحدي.


#تمتت

#عدم_المسؤلية

#حكاوي_كاتبة

#حور_حمدان

تمت

تعليقات